ببساطة ,, يحترق صدري الآن
الأخبار ليست جديدة , هي متكررة بشكل قبيح.. جداً
لكن حالتي الآن .. هي استعدادي التام لأن اضرب أول وجه يطالعني و ألمح فيه ملامح تشبهني
أن أبصق عليه ..بهدوء..و أن أركل مؤخرته...و أسبّه
لماذا أتذكرك يا كمال الآن..لماذا ؟؟
جدتي قالت لي أنك لم تودعها.. و أنها انتظرتك في رمضان على الإفطار..لكنّك تأخرت..تأخرت جداً
قالت : هو لم يترك صورة له.. لم يهتم بأن يتركها
ليتك تركت صورة.. كنت على الأقل سأعرف..وجه من أخونه الآن
قالت : انتهى ثأر عائلاتنا..و لكن ثأر " كمال " يمتد بعيداً.... لم يأخذ أحد بثأره
ألا تكفي عودة الأرض ..و انتصارنا المزيف في الحرب وقتها
جدتي لم تقتنع أبداً بأن الأمر لا يعدو عن كونه " شهيد حرب " رحل.. و جندي مجهول.. يُضرب عند نصبه التذكاري السلام الوطني القبيح
و أنا أيضاً لم اقتنع بعد
قالت : سيأتي وقت يا ولدي و يأخذ أحد ما بثأره.. و لكنني لن أكون حاضرة هذا اليوم
تعالي يا جدتي أخبركِ عن كمال كما اخبرتِني عنه
كمال هنا..ها هو يخرج لي من كل خبر على التلفاز...من كل خبر في الجريدة
ها هو يحمل السلاح في غزة , و بغداد , و بيروت ,,,, و ربما دمشق
ها هو يموت هنا و هناك
لكن ... كمال ليس في القاهرة يا جدتي
كمال ليس في القاهرة يا جدتي
كمال ابتعد منذ لامس رمال سيناء.. لم يحتمل العودة .. هنالك أرضه يعرفها و تعرفه..فهل يعود لأرض تنكره و تتنكر له
هو وسيمٌ يا جدتي.. بالتأكيد.. لا يشبهني و لا يشبه عائلتنا.. و لا يشبه الصعيد و لا القاهرة
اخبريني إذن..كيف آخذ الثأر..و أنا هنا مكبل بما يكبل الجميع
اخبريني عن موعد حربٍ قريبة..ربما التقيه فيها
..أأخبركِ بشيء
اتمنى أن ألتقيه دون أن يعرفني...أن تكون بالقاهرة أطلال مهدومة اثار حربٍ ما
و أن تكون هنالك مقاومة...و نلتقي
أتخيله.. و هو يتحرك هنا و هناك...إنها الحرب
هل أخبره وقتها أنني ابن أخيه يا جدتي....و بأنني خنته و اخونه حتى الآن ؟؟
إنهم يموتون هناك... و أنا أدخن.. و ألعب طاولة.. و اشاهد أفلام " ميل جيبسون " و اثرثر مع اصدقائي حول إمكانية بقاء الشعر لعامٍ قادم.. و أواعد بنتاً تحلم بنافذة خضراء
إنهم يموتون هناك... و دور العرض و السينمات و المسارح لا زالت تكتظ بالمتفرجين...لماذا لا يخرجون ليشاهدوا الفيلم الأكثر درامية ؟؟
إنهم يموتون هناك....و لا زال رنين الكأس في بارات و حانات و فنادق الليل يدوي مغطياً على صوت الرصاص و القذائف
إنهم يموتون هناك.. و لازال الكورنيش .. كورنيشا..و النيل يجري
إنهم يموتون هناك.. بينما لا يزال الحمام الابيض..يقف على سلك الكهرباء الممتد من السد العالي - الآمن - جنوبا حتى أقاصي الشمال
كمال هناك
طب ليه ما سبتش صورة منك؟؟؟
ماهو كان ساعتها ممكن اعرف
هوَ لون دمك رمادي
زي لونّا
و لا شكلك
يا ترى كان شكل عادي
و لا مرسومة ف ملامحك
ألف خطوة لبكرة لسه مشفتهاش
يا ترى.. آخر كلامك
كان نبوءة و لاضحكة
كان وصية..و لا آهة ...و لا وعد
بس كان نفسي اعرف ملامحك
تشبه الناس اللي عايشة تحتضِلك
و لا فيك شيء من الملايكة
أو زي ما حلمت مرة بالملايكة
كانت.. اساميهم.. يا عمي
كلهم هو نفساسمك
يا كمال !!
يا ترى لو عشت...لو
كنت تعرف تحضن الواد اللي تايه
و اللي وكلاه السكك
وحكت لي عنك
جدتي...قالت
ده عَوده ..لسه ماعرفتش شجرة تشبّهه
ضحكة عيونه...ألف قمرة...في السما
كان ضيّها..يتوضى فيه الليل ويرجع
زي توب الفجرابيض
إنّما
لما القدر...قبل امّا يرحل
ما عرفتش هيتنبّهه
لي ثأرٌ لم ينتهِ بعد
posted by (Ma7roo2 )
No comments:
Post a Comment